النمس و الفأر


النمس و الفأر
   في أحد مواسم السنة إجتاحت مجموعات كبيرة من الفئران أحد الغابات وراحت تأكل من الزروع حتى كادت أن تأتي عليها كلها و شعرت حيوانات الغابة بالخطر الذي أحاط بهم بل و سيقضي عليها يوما ما ربما يكون قريبا فأعداد الفئران تزداد يوما بعد يوم و غذاء الحيوانات يقل يوم بعد يوم فلابد من إيجاد حل لكى يعود للغابة استقرارها و اتخذت الحيوانات قرارا حاسما بعد مشاورات فيما بينها بضرورة الإستعانة بصديقها النمس الذي يتغذى على أكل الفئران و بذلك يستفيد بهذا الغذاء المحبب إليه و تستفيد الحيوانات بالقضاء على عدوها الغاصب لزروعها و خيرات أرضها...و استقر الأمر على ضرورة ذهاب وفد من الحيوانات للقاء النمس و عرض الأمر عليه............و ذهب وفد من الحيوانات و التقى النمس و اتفق معه على الخطة و لاقت قبول النمس و تم لهم ما أرادوا و جاء النمس إلى الغابة مع أسرته و بدأ في تنفيذ الوعد من اللحظة الأولى لوصوله الغابة و مرت الأيام و أخذت أعداد الفئران في الإنقراض و أخذت الحيوانات تنعم بقسط من الراحة بعد أن كانت تتناوب السهر في الغابة أثناء حربها مع الفئران بينما شعرت الفئران بالخطر المحدق بها خاصة بعد الإعلان في الغابة عن موعد الإحتفال بتطهير الغابة من الفئران و تكريم النمس على مجهوداته العظيمة التي حافظت على سلامة الغابة من اعدائها فإجتمع ما تبقى من الفئران و اجمعوا أمرهم على ضرورة لقاء النمس قبل الحفل بل و في أسرع وقت و فعلا ذهب عظيم الفئران إلى النمس ... و عندما دخل الفأر قال النمس :ما الذي أتى بك إلي؟ قال الفأر:أيها النمس العظيم إنما أتيت إليك ناصحا !! - و كانت تلك هى الحيلة الماكرة التى استقر عليها قرار مجلس الفئران حتى يرضى النمس بإستقبال كبير الفئران دون أن يفتك به - 
فضحك النمس ضحكات انتشر صداها في أرجاء الغابة كلها... و بعد أن تمالك النمس نفسه من الضحك قال:و ما هى نصيحتك؟ 
قال :الفأر في ثبات و ثقة علمت أيها النمس أنه سيقام لك حفل تكريم بمناسبة القضاء على أقراننا من الفئران فرد النمس متهكما: نعم إنه خبر سار لكم بالطبع!!! و عاد يضحك من جديد و لكن في هذه المرة قاطعه الفأر قائلا :بل هى حفل الوداع الأخير!!! و هنا بدأت تختفي الضحكات من المكان ليحل محلها الصمت و بدأ ينظر إلى الفأر نظرة التعجب و التسأل التي لا تخلو من التفكير ......
فقال الفأر: نعم حفل الوداع أنت جئت إلى هنا في مهمة و يوم الحفل هو شهادة التقدير التي ستقدمها لك الغابة بمناسبة إتمام المهمة و عليك أن ترحل إلى حيث جئت...
 أليس كذلك يا صديقي؟! و لكنني متألم لحالك أشد الألم فسوف تفقد كل هذا الإهتمام و التقدير و المكانة التي كنت تتلقاها مقابل خدماتك لحيوانات الغابة ...أنه أمر مؤلم حقا !...فنظر النمس إلى الفأر نظرة مملؤة بالغضب فسارع الفأر قائلا  في رقة و حنان: و هذا ما جئت إليك من أجله يا صديقي فأنا لا يرضيني أن تتألم و عندي الحل الذي يحفظ لك هيبتك و يجعل الغابة لا تستغنى عن خدماتك الجليلة أبدا!!! و هنا تهلل وجه النمس و بدأ يستمع إلى الفأر في إحترام و توقير فقال متعلما: و ما هذا الحل؟
فرد الفأر برد غامض : أن يبقى سر وجودك قائما!! فتسأل النمس و ما هو هذا السر؟! قال: نحن الفئران !!! فأنت جئت من أجل القضاء علينا و إذا قضيت علينا إنتهت مهمتك و عليك أن ترحل و لكن إذا بقي بعضنا ستظل الحيوانات في حاجة إليك خوفا من أن نتكاثر ثانية و تعود المشكلة إلى ما كانت عليه ..فراح النمس يفكر فيما قاله الفأر ثم رد قائلا :و ما الذي سأكله إذا توقفت عن أكلكم قال الفأر أنت لن تتوقف عن أكلنا بل ستأكل صغارنا أو ما نتفق عليه من الفئران معك و ستكمل أكلك بالعصافير و الطيور المنتشرة في الغابة التي لا تسأم التغريد بأصوات عالية تزعجنا جمعيا أنت و نحن فلا ننعم بالنوم الهادئ جميعا....و راقت الفكرة للنمس فهو يريد النعيم الذي هبط عليه من السماء و خاصة أنه لن يصيبه أى أذى في أهله و أكله و تعاهد خصوم الأمس أصدقاء اليوم بلغة المصلحة المشتركة إنها لغة الغابة التي لا ترضى بصوت العصافير لحن الطبيعة الجميل ليحل محله صوت الغربان البغيض
بقلم|
امل صبري

0 لأضافة تعليقات:

إرسال تعليق