بصمة السياسة على جبين الحب


بصمة السياسة على جبين الحب
     حتى الحب تلك الكلمة التي تحمل في داخلها كل المشاعر الإنسانية الراقية لم تسلم من أثر الفساد السياسي على جبينها و لم يعيد إليها بريقها و رونقها إلا الرجوع بها إلى شرع الله و الإنضباط بضوابطه من حيث الحلال و الحرام.
و كانت البداية في بيت عزيز مصر عندما أحبت إمراته الشاب الفقير قال تعالى:وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين ( 20 ) ) سورة يوسف . فكانت العلاقة لا تتعدى علاقة الأبن مع أسرته الجديدة التي ساقها الله إليه لينجو من غيابات الجب و لكن عندما صار فتيا كان لإمرأة العزيز فيه رأيا آخر ...فهو في نظرها لم يعد الغلام الصغير بل الرجل كامل الرجولة و النضج و لم يمنعها حياؤها كإمرأة و لا مكانتها الإجتماعية أن تعلنها مدوية عند إفتضاح أمرها بين طبقتها الراقية أنها تحبه و إن لم يفعل ما تأمره به من الرزيلة التي ترفضها فطرته السليمة الطاهرة النقية فسوف يسجن أو عذاب أليم  قال تعالى:واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم ( 25 )سورة يوسف 
أمر سياسي بإمتياز ليس له أى علاقة بالحب إنه عذاب و سجن ... للحب أهداف أخرى فهو يحمل في داخله السعادة و الهناء للمحبوب و إن كان بعيدا عن المحب فهو غاية التضحية من أجل تحقيق السعادة لمن تحب و لن يكون ابدا مساومة بين الرزيلة أو الهلاك... أي حب هذا ؟!!!
و كأن غياب المساءلة و المحاسبة و تداول السلطة في بلاط الحكم يطلق أيدي أولي الأمر من طبقة الحكام ليفعلوا ما يريدون في أمان و إطمئنان من أجل تحقيق رغباتهم و شهواتهم فهم فوق القانون و عدم المساءلة يجعلهم لا يهابون إثبات الجريمة على المجرم الحقيقي و غياب مبدأ التداول للسلطة لن يأتي بغيرهم كى يفضح فسادهم و يحاكمهم عليه و تضيع المحاسبة و يضيع معها حقوق الشرفاء و اصحاب الحقوق 
فالجريمة ميته ميته لذلك سهل أن ينقلب الجاني مجني عليه و يحل المجني عليه بدوره محل الجاني فيسجن أو يعذب و كأن ضياع الأخلاق من السياسة العامة يعني ضياع الحق و الأرض و العرض و لكن سرعان ما عادت الأمور إلى نصابها و عاد الحق إلى أصحابه ....نعم كان سجن سيدنا يوسف لبضع سنوات على جريمة لم يقترفها بل على أخلاق لم يريد أن يتنازل عنها "الطهر و النقاء" و الذي عوقب عليها و كأنها جريمة مكتملة الأركان كما إعتمدتها صاحبة المكانه و زوجة السياسي الذي لا يقبل أن يكون هو أو زوجته موضع إتهام رغم بيان الحقيقة بالدليل الدامغ و لكن أبواب السجون كما يقولون صغيرة لا تسمح بدخول الكبار و إذا دخلوها لصغرها لا تتحملهم فتطردهم سريعا فهم نزلاء مرتفعي التكلفة لا يستطيع أن يؤديها السجن ولا الشعب و لا النظام الحاكم و لكن دائما نظرة البشر قاصرة لا تعرف إلا حدود الزمان والمكان إلا من رحم ربي فهو يعلم أن هناك رب لا يغفل و لا ينام بيده الامر من قبل و من بعد و كان الإنتصار في النهاية لسيدنا يوسف و الفضيحة لإمرأة العزيز عندما انتصر سيدنا يوسف لله و امتثل لامره حتى لو كان ثمن هذا الانضباط بضوابط الله هو الحرمان من أثمن ما يملك الإنسان في الدنيا "الحرية" أكرمه الله و اجرى الحق على لسان من وضعته في السجن قال تعالى: (قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ( 51 ) ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ( 52 ) سورة يوسف. 

ففساد السياسة لا يعكر صفو المجال الإداري في الدولة فقط بل ينسحب على كل مرافق الدولة و كذلك على اخلاقيات أهلها حتى مشاعرهم ....فلنحيي السياسة بالأخلاق و لا نميت الأخلاق بدعوى أن السياسة لعبة قذرة فتلك حجة من لا يريد أن يجتهد في طلب الطهر و النقاء لنفسه و وطنه فالغاية النبيلة نحتاج لتحقيقها وسيلة نبيلة هكذا علمنا ديننا
أمل صبري

0 لأضافة تعليقات:

إرسال تعليق